دعوه لصفاااء القلووب
إن الحمد لله نحمده سبحانه وتعالى ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله العظم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله إمام كل رسول ونبي وسيد كل عالم وتقي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيد عنها إلا هالك وبعد :
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته وأحذركم ونفسي من معصيته ومن مخالفة أمره كما أمر بذلك الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز فقال :
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " ،" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "،" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون "
أما بعد أيها المسلمون :-
إن قلب الإنسان هو مكان تجمع العواطف والمشاعر وهو بمقام جهاز المراقبة للإنسان فإذا صلح صلح حال الإنسان وإذا فسد فسد حال الإنسان ولهذا قال الله عز وجل عنه : " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور "
فالضلال أولاً والعمى للقلب فإن عمي القلب عمي تبعاً لذلك البصر وسائر الأعضاء لذلك أيها الأحبة حث الإسلام البشر على صلاح القلب فها هو المصطفى صلى الله عليه وسلم في الصحيح الذي رواه البخاري و مسلم من حديث النعمان بن بشير الذي قال في آخره : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " . وروى الإمام أحمد في مسنده عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه " ، قال ابن رجب الحنبلي صاحب كتاب صلاح العلوم والحكمة :
ومعنى استقامة القلب أن يكون ممتلئاً من محبة الله ومحبة الله ومحبة طاعته وكراهية معصيته .
أيها الأخوة المسلمون :-
إن القلب عبارة عن قائد للجسد فإما يقوده إلى الخير وإما يقوده إلى الشر وفي المحصلة إما هو قائده إلى الجنة وإما قائده إلى النار .
لذلك لا بد للمسلم من العمل على تنمية وتزكية قلبه والسبل إلى ذلك كثيرة منها :-
أولاً : استشعار عظمة الله سبحانه وقدرته على كل شيء وصحبته للإنسان في حياته فيعلم نجواه وما يصدر منه كما قال سبحانه : " ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم "
وقال سبحانه : " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور "
وهذا ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حين سئل عن الإحسان فقال : " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . وهذا إخوتي في الله هو حقيقة صلاح القلب فالقلب الصالح يراقب الله عز وجل في جميع تصرفاته سرها وجهرها ظاهرها وباطنها حتى ما يلوج في نفسه ، وإلا سقط في الفتن وضاع وضيع غيره .
عباد الله : أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله :
" تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشرها نكت فيه نكته سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكته بيضاء حتى تصير على أحد قلبين ، على أبيض مثل الصفاة فلا تضره فتنة والآخر أسود مرباداً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً " .
وأما الأمر الثاني أيها الأحبة من السبل العاملة على تزكية وتنقية القلب :
إدامة ذكر الله عز وجل فالذكر عباد الله وصية الله لعباده ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ولأمته في الحديث الثاني الذي أخرجه أحمد في مسنده عن عبد الله بن بشر قال : " أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فباب نتمسك به جامع فقال صلى الله عليه وسلم : لا يزال لسانك رطباً بذكر الله " .
وفي الحديث القدسي : " من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته ملا خير منه " أخرجه مسلم .
والثالث : أيها الأحبة معرفة قصص الصالحين من السابقين لأخذ العبد وقد حث الله عباده على معرفة قصص السابقين وأخذ العبد منهم فقال سبحانه : " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "
وأما الرابع أيها الأحبة : دوام التفكر في عظيم خلق الله عز وجل لتعرف قدرة الله على الخلق والبعث بل لتعرف قدرة الله على كل شيء .
وأنظر إلى ذلك التحدي الذي وضعه الله للخلق كي يهزهم ليتفكروا في عظم قدرته فقال : " يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز "
عباد الله إن من عمل بأحذ هذه السبل التي ذكرت صار قلبه نقياً زكياً صافياً خالصاً لله فما بالكم بمن أخذ بها وبغيرها .
إن صفاء القلب يورث في النفس أولاً حب الدين والإقبال عليه فيدعى أحكامه ويطبقها على نفسه وعلى غيره بل ويحث الناس عليها وعلى تطبقيها وأعلى مراتب الدين ترك الشرك والبعد عنه فقد روى الحاكم عن عائشة قالت : الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء أدناه أن تحب شيئاً من الجور وتبغض شيئاً من العدل ، وهل الدين إلا الحب والبغض .
عباد الله من نقى قلبه حاسب نفسه قبل أن تحاسب ومن حاسب نفسه أستغفر على أخطائه ومن استغفر من أخطائه غفر الله له ومن غفر الله له دخل الجنة إن شاء الله تعالى .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فيا فوز المستغفرين أستغفروا الله .