لم تستطع الحكومة حتى الآن إقناع شريحة كبرى بأن الانتخابات ستكون نزيهة وشفافة وأن المسؤولين سيضربون بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه اختراق القوانين بشراء أو نقل الأصوات أو التزوير.
ويشي مطلعون على العملية من قرب، بوجود مخاوف حقيقية من قبل القائمين على الانتخابات بأن الإقبال سيبقى هزيلا وسيكون هنالك شبه مقاطعة للعملية برمتها.
ورغم الحراك الإعلامي والدعائي بشتى أنواعه الذي قامت به الحكومة مبكرا، فما زالت أرقام المسجلين دون المتوقع وفراغات قوائم الترشيح كثيفة.
ما يحدث ليس إلا حصاد ممارسات الحكومات المتعاقبة التي لطالما واصلت المساهمة بتوسيع فجوة الثقة بين أهل البلد والحكومات، ورافق ذلك إضافات تمثلت بتلاعب في انتخابات سابقة.
التحدي الكبير يكمن في إجراء تلك الانتخابات وفق أعلى معايير النزاهة والمصداقية، وحتى من خلال ناخبين قليلين.. بإمكان هذه الحكومة أن تضع اللبنة الأولى في خلق الثقة وإعادة المصداقية للحكومات.
المخاوف التي لم يستطع مسؤولو الحكومة إخفاءها تم استبدالها بتشجيع غير مسبوق على الاقتراع من خلال أبعاد دينية وعشائرية، وبالتالي فإن عودة نواب الخدمات من جديد سيبدد أي إنجاز في مسائل النزاهة والثقة، وستعود الأمور لمربعها الأول.
من هنا تبدو الحكومة في وضع لا تحسد عليه؛ فإن عملت على إخراج نواب حقيقيين فإنها ستضحي بتسهيلات حظيت بها حكومات سابقة لتمرير قوانين وغض الطرف عن حالات فساد، وأما إن كانت تنوي دعم نواب على أساس الأبعاد المذكورة فإنها ستتحمل كلفة انتقادات غير مسبوقة بعد إخراج مجلس هزيل يضم نواب بلدات ومرافق متناثرة هنا وهناك.
الخيار الأخير؛ ومن معطياته تسهيل عمل إجراء الانتخابات في إطار الالتزام بالقوانين.. ومن ثم فإن عدم التدخل وعقد الصفقات بين هذا الحزب وذاك، وأن يحالف الحكومة الحظ بإقبال غير مسبوق في الأيام الأخيرة، فإن المجلس القادم سيكون ذا نكهة خاصة وستكون أهم مهامه إسقاط هذه الحكومة.